الأب جان بول أبو غزالة: الضمير هو صوت الله في الإنسان

الأب جان بول أبو غزالة الأب جان بول أبو غزالة | مصدر الصورة: الأب جان بول أبو غزالة

يحلّ اليوم العالميّ للضمير في 5 أبريل/نيسان من كلّ عام. في هذه المناسبة يطلّ عبر «آسي مينا» الكاهن جان بول أبو غزالة، وهو حائز دكتوراه في القانون الكنسيّ ويعمل قاضيًا في المحاكم الروحيّة ويخدم في رعيّة القدّيسَين سركيس وباخوس في منطقة الجديدة اللبنانيّة، لكي يخبرنا عن جوهر الضمير الحيّ وسبل بلوغه والعيش وفق تعاليم الربّ يسوع.

يقول أبو غزالة: «كما أنّ للجسد مرآته التي نقف أمامها من أجل معاينة أشكالنا، وإبرازها بمستوى لائق، هكذا أيضًا الضمير الذي هو مرآة الروح التي تكشف لنا ما نحن عليه، من جمال أو قبح».

ويضيف: «الضمير يجعلنا مرتاحين مع ذواتنا، أو العكس. فالقدّيس أغسطينوس يقول إنّ "الضمير هو صوت الله في الإنسان". والضمير مرتبط بالحقيقة الحميميّة التي يعرفها الإنسان عن ذاته، ويُدركها عنه الله أيضًا، لأنّه الأقرب له، حتّى أقرب له من نفسه».

ويؤكّد: «الملحدون لا يقرّون بالضمير ويُشكّكون بوجوده، فيتساءلون: "من أين يأتي صوت الضمير؟". هم غير مؤمنين بالله وبأنّ الضمير هو صوته. ويعتبر الملحدون أنّ صوت الضمير ناتج من تأثير نفسيّ اجتماعيّ بهدف إثارة حالة خوف من الخطيئة، وأنه يجب التخلّص منه أو تعديله بطريقة تتناسب مع رغباتنا».

ويُتابع: «لكنّ حقيقة الضمير واحدة، ويجب عدم تبديلها لجعلها تتلاءم معنا. ومن المهمّ معرفة أنّ للضمير بعدين، فكريّ ونفسيّ، فهو مثل محكمة باطنيّة لنا، أي أنه القاضي الساكن في داخلنا لمراقبة سلوكنا. فهل نحن نسير وفق تعاليم المسيح ووصايا الكنيسة لنا؟ المسيح علّمنا ما علينا فعله، وما يجب الابتعاد عنه. وفي حال سرنا وفق الضمير الحيّ، فمن دون شكّ سيُجمّل حياتنا الداخليّة».

ويشرح أبو غزالة: «في سرّ الاعتراف، هناك ما يسمّى فحص الضمير الذي قال عنه القدّيس باسيليوس الكبير "إنّه لخير عظيم، لكي لا نخطئ ونكرّر خطايانا في اليوم التالي". وفحص الضمير هو الرجوع إلى الذات وتنقيتها، بهدف الندم على خطايانا وعدم العودة إليها. وبعدها نتوجّه إلى الكاهن لكي نقرّ بخطايانا، ونثق بأنّنا محميّون، أي أنّ الكاهن لن يفشي خطايانا، وباسم يسوع المسيح يُحرّرنا منها. والكنيسة لا تسمح بالتلاعب بسرّ الاعتراف، لهذا فإن الكهنة جميعهم يلتزمون تعاليمها، وفي حال أخطأ أيّ كاهن في هذا الأمر، يُحال ملفّه على محكمة التوبة الرسوليّة في الكرسيّ الرسوليّ».

ويُخبر: «من المهمّ أن يستيقظ صوت الضمير فينا، وألّا نغيّبه أو نسكته ونتجاهله. فضميرنا الصالح يساعدنا في عيش المحبّة ونشر القيم والتعاليم السامية. أسأل الله أن يجعلنا نملك ضمير العشّار الذي انفتح بثقة على حقيقة الخير ورحمة الله، فأدرك أين تكمن خطيئته، إذ قال: "اللَّهُمّ ارْحَمْني أَنا الخاطِئ" (لو 18: 13)، وألّا نجعل ضميرنا مثل الفريسيّ الذي ارتكب الخطيئة بينما كان يصلّي، إذ أدان العشّار بقوله "فانتَصَبَ الفِرِّيسيُّ قائِمًا يُصَلِّي فيَقولُ في نَفْسِه: «اللَّهُمَّ، شُكرًا لَكَ لأَنِّي لَستُ كَسائِرِ النَّاسِ السَّرَّاقينَ الظَّالِمينَ الفاسِقين، ولا مِثْلَ هٰذا الجابي" (لو 18: 11). لهذا، فليكن ضميرنا نقيًّا، غير مريض أو ضال أو مشكّك. يقول الأديب نجيب محفوظ "من لا يؤدّبه الضمير، تؤدّبه الحياة عندما تدور"».

ويختم أبو غزالة: «إذا مات القلب ذهبت الرحمة، وإذا مات العقل رحلت الحكمة، لكن إذا مات الضمير ينتهي كلّ شيء».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته